فمن أهمِّ ما على المسلم اليوم تأمل هذه القصة التي جعلها الله من حججه على خلقه إلى يوم القيامة . فمن تأمل هذا تأملا جيدا - خصوصًا إذا عرف أن الله شهرها على ألسنة العامة ، وأجمع العلماء على تصويب أبي بكر في ذلك ، وجعلوا من أكبر فضائله وعلمه : أنه لم يتوقف في قتالهم بل قاتلهم من أول وهلة . وعرفوا غزارة فهمه في استدلاله عليهم بالدليل الذي أشكل عليهم . فرد عليهم . بدليلهم بعينه ، مع أن المسألة موضحة في القرآن والسنة .
أما القرآن : فقوله تعالى : فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ .
وفي الصحيحين : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أُمِرْتُ أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، ويقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة . فإذا فعلوا ذلك : عصموا مني دماءهم وأموالهم ، إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله تعالى .
فهذا كتاب الله الصريح للعامي البليد . وهذا كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم . وهذا إجماع العلماء الذين ذكرتُ لك .