ومن أشهر ذلك : قصة عمه أبي طالب لما حماه بنفسه وماله وعياله وعشيرته . وقاسى في ذلك الشدائد العظيمة . وصبر عليها ، ومع ذلك كان مصدقًا له ، مادحا لدينه ، محبا لمن اتبعه ، معاديًا لمن عاداه ، لكن لم يدخل فيه . ولم يتبرأ من دين آبائه ، واعتذر عن ذلك بأنه لا يرضى بمسبة آبائه . ولولا ذلك لاتبعه . ولما مات - وأراد النبي صلى الله عليه وسلم الاستغفار له - أنزل الله عليه : مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ .
فيا لها من عبرة ما أبينها ! ومن عظة ما أبلغها ! ومن بيان ما أوضحه ! لما يظن كثير ممن يدعي اتباع الحق فيمن أحب الحق وأهله ، من غير اتباع للحق ، لأجل غرض من أغراض الدنيا .