ومن أقدم أصنامهم " مناة " وكان منصوبًا على ساحل البحر بقُدَيد . تعظمه العرب كلها ، لكن الأوس والخزرج كانوا أشد تعظيما له من غيرهم . وبسبب ذلك أنزل الله إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا .
ثم اتخذوا " اللات " في الطائف ، وقيل : إن أصله رجل صالح كان يَلُتُّ السّويق للحاج ، فمات فعكفوا على قبره .
ثم اتخذوا " العُزَّى " بوادي نخلة بين مكة والطائف .
فهذه الثلاث أكبر أوثانهم .
ثم كثر الشرك . وكثرت الأوثان في كل بقعة من الحجاز .
وكان لهم أيضا بيوت يعظمونها كتعظيم الكعبة . وكانوا كما قال تعالى : لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ .
ولما دعاهم رسول الله إلى الله اشتد إنكار الناس له ، علمائهم وعبادهم ، وملوكهم وعامتهم ، حتى إنه لما دعا رجلًا إلى الإسلام قال له : " من معك على هذا ؟ قال : حر وعبد" ومعه يومئذ أبو بكر وبلال رضي الله عنهما .
وأعظم الفائدة لك أيها الطالب ، وأكبر العلم وأجل المحصول - إن فهمت ما صح عنه صلى الله عليه وسلم - أنه قال : بدأ الإسلام غريبًا ، وسيعود غريبا كما بدأ .
وقوله : لتتبعن سنَن من كان قبلكم حَذْو القُذّة بالقُذّة ، حتى لو دخلوا جُحْر ضبّ لدخلتموه . قالوا : يا رسول الله ، اليهود والنصارى ؟ قال : فمن ؟ .
وقوله : ستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة .
فهذه المسألة أجل المسائل . فمن فهمها فهو الفقيه . ومن عمل بها فهو المسلم . فنسأل الله الكريم المنان أن يتفضل علينا وعليكم بفهمها والعمل بها .